لماذا لا يقبل العقل العربي النقد، سؤال يطل برأسه كلما قرأت عن خلاف فكري من أي نوع، تذكرون محاولات تجديد الفكر الديني، دعونا من الماضي البعيد، يكفي تذكر عصر النهضة الحديث الذي بدأت إرهاصاته مع الحملة الفرنسية على مصر العام 1798، لم تدخل الحملة المطبعة فقط، بل أدخلت في عقول المصريين ثم العرب الذين ظلوا في الظلام قرونا طويلة علوما ومفاهيم جديدة، منها نبتة الفكر الوطني القومي الذي طرد المحتل. ظهرت الجامعة الإسلامية على يد الشدياق والأفغاني لإعادة البوصلة للفكر الإسلامي، إلا أنها استغلت من روسيا القيصرية وتركيا العثمانية، حتى محاولات الإمامين الفاضلين محمد عبده ورشيد رضا للتعديل والإصلاح الديني السياسي سرعان ما شوهت.
في أدبيات تجديد الفكر، منذ عصر النهضة حتى الآن، تتجلى لك تفاعلات، إن لم أقل تناقضات، العقل العربي، كأنه يحمل بذرة فنائه داخله، لا مشاحة في المناقشات الفكرية، أو حتى التناقضات، وهي ظاهرة صحية في كل العالم، بيد أنها لدينا غالبا تنتهي بالشخصنة، يصعب كثيرا على العقل العربي مهما بلغ من الاتزان والموضوعية قبول النقد، النقاش الذي ينبثق منه نور المعرفة والحوار الذي لا يفسد للود قضية، ينقلب إلى صراع ديكة لابد أن ينتهي بمغلوب. يحفل تاريخ الفكر الديني بصراعات تنتهي عادة بتكفير الطرف الآخر، وذات الأمر على تاريخ الفكر العربي، ولعل أشهر مثالين له ما دار بين المفكرين المغربي محمد عابد الجابري واللبناني جورج طرابيشي حول العقل العربي، وبين المثقفين الفلسطيني إدوارد سعيد والسوري صادق جلال العظم حول الاستشراق.
لماذا يرفض العقل العربي النقد؟ وبالنقد وحده بني الفكر العالمي إيمانا أن المعرفة تراكمية، في الفكر الديني يزعمون أن قولهم هو مراد الله عز وجل، سماهم ابن القيم قديما بالموقعين عن الله سبحانه، وفي الفكر الدنيوي يدعون جدلية المطلق وحتمية المنطق. هل هي الجماهيرية المزعومة أم حب الظهور والتباهي المذموم، هل هي سلطة النص حقا أم سلطة يعطيها العامة لمن يظنون أنه يملك النص وحق تفسيره، هل فعلا أن الجهل هو سبب هذه التبعية، فلم نرها في مجتمعات متعلمة؟ أميل إلى أنها سلطة، مهما كان مصدرها ومهما كان نوعها، يكبرها ويضخمها غياب النقد واحتكار المنابر.
إذا كان هذا حال كبار مفكري الأمة فما بالكم بعامتها، حاول أن تبدي رأيا مخالفا للسائد، مهما قدمت له من حجج وبراهين، سينبري من يرد دعواك، ولا بأس في ذلك، لكن تابع الحوار، ستجد من يجهلك ويتهمك بلوي أعناق الحقائق، وسيحضر لك حججا أخرى، أيضا لا بأس بذلك، إذا قلت باحتمال التفاوت والاختلاف، ستتهم بتمزيق شمل الأمة وتحزيب توجهاتها ووحدة رأيها.
في أدبيات تجديد الفكر، منذ عصر النهضة حتى الآن، تتجلى لك تفاعلات، إن لم أقل تناقضات، العقل العربي، كأنه يحمل بذرة فنائه داخله، لا مشاحة في المناقشات الفكرية، أو حتى التناقضات، وهي ظاهرة صحية في كل العالم، بيد أنها لدينا غالبا تنتهي بالشخصنة، يصعب كثيرا على العقل العربي مهما بلغ من الاتزان والموضوعية قبول النقد، النقاش الذي ينبثق منه نور المعرفة والحوار الذي لا يفسد للود قضية، ينقلب إلى صراع ديكة لابد أن ينتهي بمغلوب. يحفل تاريخ الفكر الديني بصراعات تنتهي عادة بتكفير الطرف الآخر، وذات الأمر على تاريخ الفكر العربي، ولعل أشهر مثالين له ما دار بين المفكرين المغربي محمد عابد الجابري واللبناني جورج طرابيشي حول العقل العربي، وبين المثقفين الفلسطيني إدوارد سعيد والسوري صادق جلال العظم حول الاستشراق.
لماذا يرفض العقل العربي النقد؟ وبالنقد وحده بني الفكر العالمي إيمانا أن المعرفة تراكمية، في الفكر الديني يزعمون أن قولهم هو مراد الله عز وجل، سماهم ابن القيم قديما بالموقعين عن الله سبحانه، وفي الفكر الدنيوي يدعون جدلية المطلق وحتمية المنطق. هل هي الجماهيرية المزعومة أم حب الظهور والتباهي المذموم، هل هي سلطة النص حقا أم سلطة يعطيها العامة لمن يظنون أنه يملك النص وحق تفسيره، هل فعلا أن الجهل هو سبب هذه التبعية، فلم نرها في مجتمعات متعلمة؟ أميل إلى أنها سلطة، مهما كان مصدرها ومهما كان نوعها، يكبرها ويضخمها غياب النقد واحتكار المنابر.
إذا كان هذا حال كبار مفكري الأمة فما بالكم بعامتها، حاول أن تبدي رأيا مخالفا للسائد، مهما قدمت له من حجج وبراهين، سينبري من يرد دعواك، ولا بأس في ذلك، لكن تابع الحوار، ستجد من يجهلك ويتهمك بلوي أعناق الحقائق، وسيحضر لك حججا أخرى، أيضا لا بأس بذلك، إذا قلت باحتمال التفاوت والاختلاف، ستتهم بتمزيق شمل الأمة وتحزيب توجهاتها ووحدة رأيها.